السبت، مارس 15، 2008

فساتين


وما أنماط حياتنا إلا ثياب ..
كثيراً ما نتمسك بها ونرفض تبديلها ، على الرغم من أنها قد تضيق علينا وقد لا تلائمنا مرة أخرى ، وعلى الرغم من أن ثياباً أخرى قد تكون أجمل فينا وأكثر ملاءمة ؛ غير أننا ببساطة نعشق القديم ونرفض تركه .
نعيش في جلابيب آبائنا وإن أنكرنا ذلك ، ونرفض الجلابيب الجديدة التي قد تحمل لنا السعادة والهناء لمجرد الارتباط بالماضي ، وإن ذلك أشد ما يأخذه ربنا على الكافرين المتمسكين بدين الأجداد : " إنا وجدنا آباءنا على أمةٍ ، وإنا على آثارهم مهتدون "
أقرأ في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ،فأتعجب لأولئك الذين رفضوا دعوته إلى الحق المبين بعدما تبينوه ، وأغلقوا عيونهم عن الضياء الساطع بعدما بهرهم سناه ، وما ذلك إلا لأنهم يأبون مفارقة دين آبائهم .
التجديد في الحياة نحو الأفضل سمة الناجحين ، وخلع العباءات البالية هو خلق الفضلاء ؛ فإن من الحمق بعينه أن يفني المرء عمره في البكاء على ما ضاع منه ، أو في مناطحة الجبال لاختراقها بدلاً من الالتفاف حولها .
قد يكون تجديدي لهيئة مدونتي يتبع تلك النظرية ، نظرية التغيير للأفضل بدلاً من المحاولات العابثة لترقيع الثوب البالي ...
غير أن تلك دعوة مني لنفتح خزائن أفكارنا في الحياة وما توارثناه ؛ فنرمي البالي منها ونحتفظ بالصالح .
ذكرني بهذه النظرية موقف العديدات من زميلاتي في الكلية نحو قضية حصار غزة ؛ إذ لا زلن يكررن قول الأجيال الماضية ، والذي تعلمنه من أهاليهن : الفلسطينيين يستاهلوا اللي بيجرالهم .. هم اللي باعوا بلدهم . الفلسطينيين غدارين ، شوفتي عملوا ايه لما دخلوا مصر ؟
ذات النظرية أتذكرها حينما أتعامل مع أولئك الذين لا يزالون مقتنعين أن الحركات الإسلامية حركات مسلحة إرهابية ، أو أنها - في أحسن الأحوال - حركات تسعى للسلطة ؛ مكررين بذلك أقوال الناصريين ومن لحقهم .
كم يجني الإنسان على نفسه حينما يعيش في جلباب أبيه ! وكم يهلكها حينما يصر على ارتداء نفس الثياب التي كان يرتديها طفلاً !
وما خلطاؤنا وأصدقاؤنا إلا ثياب أيضاً ؛ فذلك شبههم المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بالبطانة في حديثه ..
بل كما يقول ربنا تعالى في الأزواج والزوجات : " هن لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهن "
أحسن اختيار ثيابك !
ولا تغرنك الثياب البراقة ، فتنسى أنها غير سابغة لك فترتديها ، فتسيء إلى ذاتك وتفقدها احترامها .
لا تغرنك الثياب الثمينة العطرة ، فلربما آذتك بخشونتها ..وربما أغفلتك عن تلك التي في متناول يدك لا تبهر العين ؛ غير أنها تحسن هيئتك و تزيدك بهاءً ووضاءة ..
ثيابك هي شخصيتك ، هي عنوان نفسك ..
فلا تستمع لأولئك الذين يزكون لك ثياباً لا تلائمك ، أو أولئك الذين ينتقدون ثوبك الذي فيه تستريح وتعلم أنه الأفضل لك ..
أحسن اختيار ثيابك .. فبها تسعد ، وبها تشقى .

هناك 4 تعليقات:

  1. أحيانا الشخص يصر على لبس عباءة معينة يخشى خلعها حتى لا يكتشف تقصيره , أو خطأه , أو فساده , أو سوء نيته

    يجاهدوا ليشوهوا صورة الفلسطينيين بنشر الأكاذيب والأباطيل .. ويخشون النقاش , وإن ناقشتهم تمسكوا بجنون في عباءتهم .. حتى لا ينكشفوا

    جزاكِ الله خيرا

    ردحذف
  2. أخي جزيت خيراً على التعليق

    الأدهى من هؤلاء أولئك الذين يتمسكون بعاباءاتهم دون علم ودون تفكير

    أؤلئك الذين يسعون لنشر الباطل يعلمون ما يفعلون ، لكن السواد الأعظم الذين يرددون الأباطيل دون وعي ما نقول فيهم ؟

    ردحذف
  3. بل كما يقول ربنا تعالى في الأزواج والزوجات : " هن لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهن "أحسن اختيار ثيابك !ولا تغرنك الثياب البراقة


    جمله رائعه

    والنيولوك اروع :)

    ردحذف
  4. جزاك الله خيراً يا أخي

    ردحذف

شرفني بأشواقك